إن ضيق أفق الإنسان الحديث يتجلّى أكثر ما يكون في اعتقاده بأنه لا يرى أمامه لُغزاً. كأن حكمته هي مجموع علمه وجهله معاً. إنه جهل، ولكن الإنسان غير واعٍ به، حتى أنه يتقبله باعتباره معرفة في مواجهة أعظم لغز، يتصرّف بعنجهية وغرور، حتى أنه لا يرى المشكلة. وهذا الحجم الحقيقي لجهل الإنسان
الكلمه تكشف الحقيقه و لكنها يمكن ان توظف لاخفائها
بحكم المنطق الداخلي للأشياء يتوازى كل من التطور و الحضارةو العلم والطوبيا مع الإلحاد، بينما يتوازى الخلق والثقافة و الفن و الأخلاق مع الدين.
الدين إجابة على سؤال كيف تحيا في ذاتك وتواجه هذه الذات ، وليس إجابة على سؤال كيف تعيش في العالم مع الآخرين.
إن التقدم العلمي مهما كان واضحاً بارزاً، لا يمكنه أن يجعل الأخلاق والدين غير ضروريين. فالعلم لا يعلم الناس كيف يحيون، ولا من شأنه أن يقدم لنا معايير قيمية. ذلك لأن القيم التي تسمو بالحياة الحيوانية إلى مستوى الحياة الإنسانية تبقى مجهولة وغير مفهومة بدون الدين. فالدين مدخل إلى عالم أخر متفوق على هذا العالم، والأخلاق هي معناه.
إن الدين الذي يريد أن يستبدل التفكير الحر بأسرار صوفية ، وأن يستبدل الحقيقة العلمية بعقائد جامدة ، والفاعلية الإجتماعية بطقوس ، لابد أن يصطدم بالعلم. والدين الصحيح - على عكس هذا - فهو متسق مع العلم. وكثير من العلماء الكبار يسود عندهم الإعتراف بنوع من الوحدانية. وفوق هذا يستطيع العلم أن يساعدالدين في محاربة المعتقدات الخرافية ، فإذا إنفصلا يرتكس الدين في التخلف ويتجه العلم نخو الإلحاد.
العلم دقيق أما الفن فصادق. انظر إلى لوحة لوجه إنسان أو منظر طبيعي... كم هما صادقان؟! إن فيهما من الصدق أكثر مما في أي صورة فوتوغرافية للوجة.
إن الفن - بمعنى من المعاني - خارج من الزمان وخارج عن التاريخ. قد يكون له صعود وهبوط ، ولكن ليس له تطور ولا تاريخ بالمعنى العادي للمصطلح. ليس في الفن إحتواء للمعرفة أو الخبرة كما في العلم ، فمنذ العصر الحجري حتى اليوم ، لا ترى أي زيادة في القوة التعبيرية للفن تحققت عن طريق التطور.
العلم يكتشف أما الفن فيبدع. إن ضوء النجم البعيد الذي إكتشفه العلم كان موجودا قبل إكتشافه, أما الضوء الذي يلقيه الفن علينا ، فقد أبدعه الفن بنفسه في اللحظة نفسها.
إن العلم يعطينا صورة فوتوغرافية دقيقة عن العالم، وإن كانت تفتقر إلى بعد جوهري للواقع. حيث يتميز العلم بفهم طبيعي خاطئ لكل ما هو حي وكل ما هو إنساني. إنه بمنطقه التحليلي المجرد يجعل الحياة خلوا من الحياة.
القراءة المبالغ فيها لا تجعل منا أذكياء. بعض الناس يبتلعون الكتب, وهم يفعلون ذلك بدون فاصل للتفكير الضروري. وهو ضروري لكي يهضم المقروء ويبنى ويتبنى ويُفهم