وحتَّى عندما ارتبك المسار لم يهتز اليقين. لأنني ساذجة؟ لأنني متفائلة إلى حد البلاهة؟ لأنني أؤمن بقشّة الغريق فلا أفلتها أبدًا من يدي؟ ربما، وإن كنت لا اعتقد ذلك؛ لأن الحياة في نهاية المطاف تغلب، وإن بدا غير ذلك. ولأن البشر راشدون مهما ارتبكوا او اضطربوا او تعثَّرت خطواتهم، ولأن التاريخ كما سبق أن قلت في مكان ما أشبه ببستان مكنون في باطن الأرض، له مسالكه وتعرُّجاته ومجاريه المتشابكه، ولأن النهايات ليست نهايات؛ لأنها تتشابك ببدايات جديدة، لا أفكر الآن في أبي وأمي وذريتهم الممتدة إلى عمر الصغير، أصغر الأحفاد ابن مصطفى وزوجته دينا، بل اتوسّع في الكلام ليشمل شهداءنا. أفكر في مينا دانيال، وعماد عفت، ومحمد محسن، وعلاء عبد الهادي، وجيكا، وأنس، والمئات الآخرين ممن نُقِلوا من المشرحة إلى مقابر تضم رفاتهم. وأعرف أن قبورهم لن تذهب بددا، تظل رسائلها الباطنية تسري في الأرض، تروي البُستان المكنون الذي يُفاجئنا بطرحِه.
Tags: books, biography